على حد قول بعض كبار المسؤولين في إدارة بوش، فقد نجحت إسرائيل في تعديل صواريخ كروز التي زودتها بها الولايات المتحدة الأميركية لتجعلها قادرة على حمل رؤوس نووية في غواصاتها• وبذلك توفرت لإسرائيل -بوصفها القوة النووية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط- القدرة على إطلاق أسلحتها النووية من البر والبحر والجو في وقت واحد• وفي مقدور هذه الإمكانات النووية غير المعلنة رفع قدرة الردع النووي الإسرائيلي في حال تطوير إيران الدولة العدوة لإسرائيل برنامجا نوويا• غير أن هذه الخطوة الإسرائيلية تعرقل من الناحية الأخرى الجهود التي تبذلها كل من الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة لإقناع إيران بالعدول عن برنامجها النووي•
تعليقا على إعلانهم عن التطورات النووية الجديدة في العتاد الحربي الإسرائيلي، قال مسؤولون أميركيون إنهم فعلوا ذلك بغية توجيه إنذار لأعداء إسرائيل في ظل التوترات الحادة المتصاعدة التي تشهدها المنطقة، وفي ظل تزايد المخاوف الدولية والإقليمية من البرامج والتطلعات النووية الإيرانية المزعومة• من جانبها كما هو معلوم، فإن إيران تؤكد أن تلك البرامج إنما هدفها هو توليد الطاقة الكهربائية لا أكثر• لذلك فإن القادة الإيرانيين يرفضون تعريض منشآت بلادهم وبرامجها لأية عمليات تفتيش وتدخل بعيد المدى فيما يعتبرونه شأنا داخليا• وهذا هو ما سيصبح مادة للضغط على إيران خلال الأسابيع القليلة المقبلة• بدأت مقدمات هذه الضغوط بالإنذار الذي وجهته الوكالة العالمية للطاقة الذرية لطهران، وتحديد الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر الجاري موعدا نهائيا لخضوع المنشآت والبرامج الإيرانية لعمليات التفتيش الكاملة، والتأكد من خلو إيران من برامج الأسلحة النووية•
من جانبهم قال مسؤولون في الأمم المتحدة ودبلوماسيون عرب إن تواصل تعزيز إسرائيل لبرامجها وقدراتها النووية السرية، في ظل صمت الولايات المتحدة الأميركية ومباركتها لهذا الانفراد الإسرائيلي بالأسلحة النووية، ستكون نتيجته الطبيعية والمنطقية هي حث بقية دول المنطقة على التفكير الجاد في الحصول على السلاح النووي• وهذا هو ما قاله نبيل فهمي السفير المصري لدى الأمم المتحدة حرفيا: إن وجود برامج نووية في المنطقة لا تخضع للإشراف الدولي والرقابة الدولية، إنما يشجع بقية دول المنطقة على حث الخطى لتطوير أسلحة الدمار الشامل• وعليه -أضاف فهمي قائلا-: فإن أي نزاع مستقبلي في المنطقة سيكون على درجة كبيرة من الخطورة• يذكر أن مصر قد ضمت صوتها إلى كل من سوريا والمملكة العربية السعودية في توجيه الانتقادات إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة على صمتهما على برامج التسلح النووي الإسرائيلية، في الوقت الذي تقصران فيه ضغوطهما على إيران وحدها• كان ذلك في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي عقد في أواخر شهر سبتمبر الماضي• وفي الاتجاه ذاته كان مسؤول إيراني رفيع المستوى قد أثار النقطة عينها خلال مؤتمر لحظر انتشار الأسلحة النووية عقد في العاصمة الروسية موسكو في شهر سبتمبر المنصرم• وعلى حد تعبيره قال المسؤول علي أشقر سلطاني: ما من سبيل لتحقيق الاستقرار الأمني في منطقة توجد فيها لا توازنات وفوارق كبيرة جدا في القدرات العسكرية، سيما إن كان الحفاظ على عدم التوازنات العسكرية هذه، يتم عبر حيازة وتطوير الأسلحة النووية• وسيما إن كانت الأسلحة المعنية هي التي تعطي طرفا واحدا دون غيره، الحق في تهديد أمن الجوار والمنطقة بأسرها •
ولم يعد سرا أن إسرائيل ليست بحاجة لإنكار حيازتها سرا للأسلحة النووية• ولم يعد خافيا على أجهزة الاستخبارات ولا المحللين العسكريين أن لدى إسرائيل ما يتراوح بين 100 إلى 200 قطعة نووية متطورة• وتعد إسرائيل وباكستان والهند الدول الثلاث الوحيدة التي لها قدرات نووية دون أن توقع على معاهدة حظر نشر الأسلحة النووية التي بدأ تطبيقها منذ عام 1968 في مسعى دولي للحد من انتشار هذه الأسلحة عبر إجراءات التفتيش وفرض العقوبات الدولية على الدول التي تخرق نصوص المعاهدة• ومما يعرف عن الهند وباكستان أنهما طورتا القنابل النووية علاوة على القطع الأخرى• مقابل ذلك بادرت الدول العربية التي لها برامج نووية سلمية، للتوقيع على المعاهدة المذكورة• غير أن هذه الدول رفضت الخضوع لبرامج التفتيش المشددة، بسبب إدراكها لرفض إسرائيل التوقيع على المعاهدة من حيث الأساس، على حد تصريحات مسؤولي الأمم المتحدة• من بين هؤلاء قال مسؤول دولي رفيع المستوى في إطار محاولة لكسب رضا الدول العربية المعنية بقبول المزيد من برامج وإجراءات التفتيش: تظل إسرائيل المصدر الأساسي للتنازع في هذا الأمر، لكونها تعد مركز الجذب المغناطيسي الرئيسي، والحافز الأول لسعي الدول الأخرى في المنطقة لتطوير الأسلحة النووية •
بات معلوما أيضا أن مؤيدي إسرائيل في واشنطن ودوائر اتخاذ القرار الأميركي، ينظرون إلى تعزيز إسرائيل لترسانتها النووية باعتباره صمام أمان رئيسياً يعول عليه في الحفاظ على أم